الجوانبُ العَقَائديةِ في تَكْرِيمِ اللهِ تَعَالى للإنسَانِ فِي القُرآنِ الكَريمِ ــ سورة البقرة انموذجاً ــ

Abstract

كرَّم الله تعالى الإنسان من بين خلقه وفضَّلَه وشرَّفه، فقد خلَقَه بيد قدرته، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وسخر له ما في السموات وما في الأرض، وجعله خليفته في الأرض. وتأكيداً لهذا التكريم منحه الله تعالى العديد من المواهب والمزايا التي تميزه من كثير من مخلوقاته، فوهبه العقل الذي يميز به الصحيح والخطأ، والخير والشر، ووهبه القدرة على التفكر والاجتهاد، وأعطاه الحرية في اختيار عقيدته وتصرفاته وأفعاله، وحرّم انتهاك كرامته وعرضه ودمه. وهذا التكريم الرباني حقٌّ يشمل جميعُ البشر دون تمييز لجنسٍ أو لون أو عرق أو دين، ويستوي فيه المسلمُ وغير المسلم من أهل الأديان السماوية، أو من لا دين له. والإسلام أكد من خلال مبادئه السمحة على أصالة الكرامة الإنسانية، وأنه أكرم مخلوق، إذ حمل الأمانة العظمى على عاتقه، وفي مقدمتها أمانة خلافة الله تعالى في الأرض واستعمارها، وإقامة الموازين بالعدل، ولهذا كان الإسلام حريصاً على الكرامة الإنسانية، وحافظًا لها بما جاء به من تشريعات سامية تصون للإنسان حرمتَه وكرامته. ومن الجدير بالذكر أن مسألة الكرامة الإنسانية تعدُّ من أهم القضايا في العصر الحديث لدى المنظمات الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان، ونالت اهتمامًا كبيراً من قِبل مؤسسات وهيئات المجتمع المدني، وأصبحت هذه المفردة أساساً للقوانين العالمية لحقوق الإنسان وقضاياه، وتستند إليها الدساتير والتشريعات الحكومية الدولية في وقتنا الحالي.